الثعلب .. قصة قصيرة
الأحد 25 سبتمبر-أيلول 2016 الساعة 07 مساءً / د / وليدالعليمي عدد القراءات (19156)
لم يترك الثعلب دجاجةً في الغابة إلا وأفترسها ولافأرا إلاوأصطاده ، تارة ًبالمباغتة ، وتارة ً أخرى بالحيلة والدهاء ، وذات يوم قرر أحد الفئران الإيقاع به ، وقتله ، ليسلم المجتمع من شره ، وحذّرسكان الغابة هذا الفأر ، من مكر الثعلب وألاعيبه ، فوعدهم أن يتوخى الحيطة والحذر ، كان الظلم والقهر الذي يخيم على الغابة بسبب الثعلب ورفاقه كابوس مرعب يجثم كصخرة ضخمة على صدر الفأر ، كان كل يوم يجلس وحيدا ًعند شروق الشمس وعند غروبها على سفح هضبة مطلة على وسط الغابة ، يتفكرويُمعن النظر ، في كل مايدورحوله في الغابة ، كان شرالثعلب الذي يملأ الغابة يؤرق مضجعه وينغص حياته ،فكركثيرا ً، فهداه تفكيره الي خطة للإيقاع بالثعلب، فقام بحفر حفرة في الطريق الذي إعتاد الثعلب أن يسيرفيه ، وقام بوضع شبكة خضراء كلون أوراق الأشجار بداخلها وثبتها من الخارج ، ثم حفر حفرة أخرى بجوارها، ومنها دخل الي الحفرة الأولى ، وأستقر تحت الشبكة ، وبدأ بالصراخ والعويل ، يطلب المساعدة ، وبينما كان الثعلب يسير بجوار الحفرة سمع صراخ الفأروإستغاثته ، وعندمارآه داخلها، تبسم فرحا ً ، وقفز الي الحفرة بدون تردد ، وهو يمني نفسه بوجبة شهية لهذا الصباح ، لقد إبتلع الطعم ،وقفز الي المصيدة ، وعلق في شبكة الفأر الخضراء ، قهقه الفأرمن السعادة ، فقد حقق حلمه ، وأصطاد هذا الثعلب الظالم الماكر، الذي صرخ ملتاعا ً ( أهكذا تفعل بمن أراد بك إحسانا ً ، وأراد أن ينقذك من الموت في هذه الحفرة ، هل الغدر من شيمك أيها الفأر الطيب ؟ ) الفأر( أردت أن تنقذني ، أم تفترسني ؟ ) ، الثعلب ( ما أقسى قلبك أيها الفأرالطيب ، لماذا كل هذا الظن السيئ ، ءأشققت عن صدري ، وعرفت ما في قلبي ، ؟ ) الفأر( ليتني أفعل ؟ ) الثعلب ( أخرج مافي قلبك من غلٍ نحوي ، وأعلم أنني أحمل لك في قلبي كل الحب والوفاء ) الفأر ( ههه ، أتستغفلني أيها الثعلب الماكر، لقد إفترست عائلتي ، وأصدقائي ، ومعارفي ، لقد أكلت كل من أحب ، حتى صديقاتي الدجاجات ، ألتهمتهن ؟ ) صرخ الثعلب وهو يرفع رأسه ويديه الي السماء والدموع تنهمر من عينيه كشلال ( يارب ، ما أحلمك ، وما أرحمك ، تقبل توبة عبادك ، وتغفر، بلا حدود ، لم أنم ليلة البارحة ،كما تعلم ، وأنا أناجيك ، وأطلب غفرانك ، ورحمتك ، ورضاك ، وأنت تغفر لعبادك الذين أسرفوا على أنفسهم ، وأنت أمرتنا أن لا نقنط من رحمتك ، ومغفرتك ، واليوم ، وضعت هذا الفأرالطيب ، في طريقي ، ليصطادني ، وليضع حداً لعذابي ،ولضميري الذي يأنبني في كل لحظة ، فلتقضي ما أنت قاض يارب ، يارب إني أدرك الأن ، انك قبلت توبتي ، وتريد مني أن ألحق بك ، أنت تريد وهذا الفأريريد ،ولن يكون إلا ماتريد ) إندهش الفأرلما يقوله الثعلب ، ووقع في حيرة من أمره ، فماذا عساه أن يفعل ؟ هل يقتل الثعلب ، ويحقق حلمه ، وينتقم من هذا الظالم ، ويثأرلعائلته وأصدقائه ولكل سكان الغابة ، أم يطلق سراحه ، ويصدق توبته ؟ أدرك الثعلب أن الفأر في حيرة من أمره ، فقال ( يارب لقد كرهت هذه الحياة ، التي سببت فيها الألم والعذاب والحزن للأخرين ، يارب لقد ظلمت هذا الفأرالطيب ، وسلبته ُعائلته وأصدقائه ، فأمنحه القدرة على قتلي ، بلاتردد ، أوحيرة ، لعل ذلك يشفي صدره ، وصدري ، ويشفع لي عندك ، فلا يخاصمني إليك يوم القيامة ، إن الألم الذي سببته لهذا الفأر ، لن يمحوه إلا إراقة دمي ، ولن ينزعه ، إلا جز عنقي ، ولاأطلب يارب ، من هذا الفأر، قبل أن يأخذ بثأره ، إلا ان يعفو عني ،عما بدرمني ، حتى ألقاك ، مستريح الضمير ) غرق الفأر في محيطات الحيرة والشك ، وجدف ، تردده ، فيها ، بلا هوادة ، وبعد برهة من الوقت ، قرر الفأر ، أن يستشير صديقه الفيل الذي يقطن في الغابة المجاورة ، في ما طرأ على الثعلب من تغيير ، وفيماأظهره من توبة ، وندم ، وتقرب الي الله عزوجل ، وانطلق الفأر باحثا ً عن الفيل ، في أرجاء الغابة المجاورة، وعندما وجده ، أشار عليه الفيل ، بأن يترك الثعلب ، في الشبكة ، بعض الوقت ، حتى يكون ذلك عقابا ً له ، ثم يطلق سراحه بعد ذلك ، مادام ، قدم أظهر توبته الصادقه ، وندمه العميق لما حدث ، أخذ الفأر بمشورة الفيل على مضض ، وترك الثعلب محبوسا ً في الشبكة ، ولاكنه ظل يرقبه من مكان خفي ، وأندهش عندما رأى الثعلب داخل الشبكة ، يؤذن في كل صلاة ، ثم يصلي بخشوع وخوف ورهبة ، وبعد كل صلاة كان يراه يناجي الله بالدعاء والتضرع ، معلنا ًندمه ، وراجيا ً عفوه ومغفرته ، وظل الثعلب على هذا الوضع عدة أيام ، حتى إقتنع الفأر، بصدق مزاعمه ، وسعيه الحثيث للتوبة ، وصدق نواياه للإقلاع عن جرائمه ، فقام الفأربلاتردد بإطلاق سراحه ،وهو آمناً مطمئنا ً، وما أن خرج الثعلب من محبسه ، حتى إنقض على الفأر، وألتهمه في لحظات ، وهويضحك بمكرقائلا ً (لقد كنت متأكد أيها الفأرالغبي انك ستراقبني و ستقتنع بتوبتي ، ولايرضيني أن تبقى وحيدا ً ، فرأيت أن تلحق بعائلتك ، وأصدقائك ) . * الصورة تعبيرية |
![]()
|
الاسم: وجدي حمدان
رائع
ثعلبة كلها ثعلبة
الأحد 25/سبتمبر-أيلول/2016 11:47 مساءً